سورة الأعراف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


قوله تعالى: {لهم من جهنم مهاد} المهاد: الفراش.
وفي المراد بالغواشي ثلاثة أقوال.
أحدها: اللحف، قاله ابن عباس، والقرظي، وابن زيد. والثاني: ما يغشاهم من فوقهم من الدخان، قاله عكرمة. والثالث: غاشية فوق غاشية من النار، قاله الزجاج. قال ابن عباس: والظالمون: هاهنا الكافرون.


قوله تعالى: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ} فيمن عني بهذه الآية أربعة أقوال.
أحدها: أهل بدر. روى الحسن عن علي رضي الله عنه أنه قال: فينا والله أهل بدر نزلت: {ونزعنا ما في صدورهم من غل}. وروى عمرو بن الشريد عن عليٍّ أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا، وعثمان، وطلحة، والزبير، من الذين قال الله: {ونزعنا ما في صدورهم من غل}.
والثاني: أنهم أهل الأحقاد من أهل الجاهلية حين أسلموا. روى كثير النَّوَّاء عن أبي جعفر قال: نزلت هذه الآية في علي، وأبي بكر، وعمر، قلت لأبي جعفر: فأي غل هو؟ قال: غل الجاهلية، كان بين بني هاشم وبني تيم وبني عدي في الجاهلية شيء، فلما أسلم هؤلاء، تحابوا، فأخذتْ أبا بكر الخاصرةُ، فجعل عليٌّ يسخِّن يده ويكمِّد بها خاصرة أبي بكر، فنزلت هذه الآية.
والثالث: أنهم عشرة من الصحابة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن مسعود، قاله أبو صالح.
والرابع: أنها في صفة أهل الجنة إذا دخلوها. روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه تعالى وسلم أنه قال: «يخلُصُ المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، حتى إذا هُذِّبوا ونُقّوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا» وقال ابن عباس: أول ما يدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، تعرض لهم عينان فيشربون من إحدى العينين، فيُذهب الله ما في قلوبهم من غلٍّ وغيره مما كان في الدنيا، ثم يدخلون إلى العين الأخرى، فيغتسلون منها فتُشرق ألوانهم، وتصفو وجوههم، وتجري عليهم نضرة النعيم.
فأما النزع: فهو قلع الشيء من مكانه. والغل: الحقد الكامن في الصدر.
وقال ابن قتيبة: الغل: الحسد والعداوة.
قوله تعالى: {الحمد لله الذي هدانا لهذا} قال الزجاج: معناه: هدانا لِما صيّرنا إلى هذا. قال ابن عباس: يعنون ما وصلوا إليه من رضوان الله وكرامته. وروى عاصم بن ضمرة عن علي كرم الله وجهه قال: تستقبلهم الولدان كأنهم لؤلؤ منثور، فيطوفون بهم كاطافتهم بالحميم جاء من الغيبة، ويبشرونهم بما أعدَّ الله لهم، ويذهبون إلى أزواجهم فيبشِّرونهنَّ، فيستخفهنَّ الفرح، فيقمن على أُسْكُفَّةِ الباب، فيقلن: أنت رأيته، أنت رأيته؟ قال: فيجيء إلى منزله فينظر في أساسه، فاذا صخر من لؤلؤ، ثم يرفع بصره، فلولا أن الله ذلَّله لذهب بصره، ثم ينظر أسفل من ذلك، فاذا هو بالسُّرر الموضونة، والفرش المرفوعة، والزرابي المبثوثة، فعند ذلك قالوا: {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله} كلهم قرأ {وما كنَّا} باثبات الواو، غير ابن عامر، فانه قرأ: {ما كنا لنهتديَ} بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام.
قال أبو علي: وجه الاستغناء عن الواو، أن القصة ملتبسة بما قبلها، فأغنى التباسها به عن حرف العطف، ومثله: {رابعهم كلبهم} [الكهف: 22].
قوله تعالى: {لقد جاءت رسل ربنا بالحق} هذا قول أهل الجنة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا. {ونودوا أن تلك الجنة} قال الزجاج: إنما قال {تلكم} لأنهم وعدوا بها في الدنيا، فكأنه قيل لهم: هذه تلكم التي وُعدتم بها. وجائز أن يكون هذا قيل لهم حين عاينوها قبل دخولهم إليها. قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر: {أورثْتُموها} غير مدغمة. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: {أورتمُّوها} مدغمة، وكذلك قرؤوا في [الزخرف: 72] قال أبو علي: من ترك الادغام، فلتباين مخرج الحرفين، ومن أدغم، فلأن التاء والثاء مهموستان متقاربتان، وفي معنى {أورثتموها} أربعة أقوال.
أحدها: ما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد إلا وله منزل في الجنةومنزل في النار، فأما الكافر فانه يرث المؤمنَ منزله من النار، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة» فذلك قوله: {أورثتموها بما كنتم تعملون} وقال بعضهم لما سمي الكفار أمواتاً بقوله: {أمواتٌ غير أحياء} [النحل: 21]. وسمى المؤمنين أحياءً بقوله: {لتنذر من كان حياً} [يس: 70] أورث الأحياء الموتى.
والثاني: أنهم أورثوها عن الأعمال، لأنها جُعلت جزاءً لأعمالهم، وثواباً عليها، إذ هي عواقبها، حكاه أبو سليمان الدمشقي.
والثالث: أن دخول الجنة برحمة الله، واقتسامَ الدرجات بالأعمال، فلما كان يفسَّر نيلها لا عن عوض، سميت ميراثاً. والميراث: ما أخذته عن غير عوض.
والرابع: أن معنى الميراث هاهنا: أن أمرهم يؤول إليها كما يؤول الميراث إلى الوارث.


قوله تعالى: {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً} أي: من العذاب؟ وهذا سؤال تقرير وتعيير. قالوا نعم. قرأ الجمهور بفتح العين في سائر القرآن، وكان الكسائي يكسرها. قال الأخفش: هما لغتان.
قوله تعالى: {فأذَّن مؤذِّن بينهم} أي نادى منادٍ. {ان لعنةُ الله} قرأ ابن كثير في رواية قنبل، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: {أنْ لعنةُ الله} خفيفة النون ساكنة. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: {أنّ} بالتشديد {لعنةَ الله} بالنصب. قال الأخفش: و{أنْ} في قوله: {أن تلكم الجنة} [الأعراف: 43] وقوله: {أن لعنةُ الله}، وقوله: {أن الحمد لله} [يونس: 10] و{أن قد وجدنا} هي {أنّ} الثقيلة خففت.
قال الشاعر:
في فِتْيَةٍ كَسُيْوفِ الهِنْدِ قَد عَلِمُوا *** أنْ هَالِكٌ كلُّ من يَحْفَى ويَنْتَعِلُ
وأنشد أيضاً:
أُكاشِرُهُ وَأعْلَمُ أَنْ كِلاَنَا *** عَلَى ما سَاءَ صَاحِبَه حَرِيْصُ
ومعناه: أنه كلانا؛ وتكون {أن قد وجدنا} في معنى: أي. قال ابن عباس: والظالمون هاهنا: الكافرون.
قوله تعالى: {الذين يصدُّون عن سبيل الله} أي: أذن المؤذن ان لعنة الله على الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله، وهو الإسلام. {ويبغونها عوجاً} مفسَّر في [آل عمران: 99]. {وهم بالآخرة} أي: وهم بِكَوْن الآخرة كافرون.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14